الجمعة، 18 فبراير 2011

المجمع الفقهي الإلكتروني


أهمية الاجتهاد الجماعي صارت من القضايا المتفق عليها بين الناس، غير أنّ حقيقة الاجتهاد الجماعي انحصرت عند كثير من الناس في مؤسسة حكومية أو شبه حكومية تجتمع في قاعة لتناقش بعض القضايا النازلة ثم تُصدر فيها قرارًا جماعيًا.. والحقيقة أنّ الاجتهاد الجماعي أعم من ذلك التصوّر، فإنّ العالم قد يؤلف كتابًا في نازلة ثم يعرض كتابه على أهل العلم فيؤيدونه ويقرظونه ليصبح مضمون ذلك الكتاب اجتهادًا جماعيًا، وربما يفتي العالم بفتوى فيرد عليه جماعة من العلماء فيكون رد تلك الفتوى اجتهادًا جماعيًا...إلى آخر تلك الصور التي يتحقق فيها معنى الاجتهاد الجماعي.
وأحسب أن تلك الصور لا يمكن أن تحصر بأداة معينة ولا شكل محدد... فإن اجتماع الفقهاء وجهًا لوجه تحت سقف واحد ـ مع ما فيها من مزايا ـ قد يكون مكلفًا ومتكلّفًا.
• لأن أولئك الفقهاء قد يحتاجون إلى غرف فاخرة في أرقى الفنادق، وقاعة واسعة في أرقى القصور.
• وسيكون الوقت محصورًا محددًا ربما يضيق عمّا في نفوسهم من النقاش والاستدلال في المسألة، وكم من عالم لا يظهر له وجه المسألة إلا بعد انقضاء مجلس النقاش بأيام.
• كما أن طبيعة تلك الجلسات فيها نوع من الحزم الذي قد يفوّت شيئًا من الفوائد.
• إضافة إلى أنّ تلك الاجتماعات قد تحرمُ الأمة من حضور بعض العلماء فيها لأي سبب كان، كما حكي من منع فلان من دخول البلد الفلاني للمشاركة في دورة المجمع الفلاني!.
• وربما حرصت بعض تلك المجامع أو اضطرت إلى استضافة أصحاب المعالي والوجهاء أكثر من حرصها على الخاملين من العلماء.
• كما أن في مشاركة المرأة الفقيهة في تلك المجامع نوع صعوبة وحرج؛ لمشقة السفر عليها وعلى محرمها، وحصول الإشكال والخلاف في مكان وجودها في ذلك الاجتماع.
• علاوة على أنّ الفقيه المغترب عن بلده قد لا يحصل له من اجتماع الفكرة وحضور الذهن ما يحصل لمن كان في بلده بين كتبه ومصنفاته.
هذا وغيره من الأسباب يستدعي من أهل الشأن أن ينظروا في طرق أخرى للاجتهاد الجماعي -إضافية لا بديلة -.
وأحسب أن من هذه الطرق: المجمع الفقهي الإلكتروني، الذي يتجاوز كثيرا من تلك الإشكالات الزمانية والمكانية والمالية وزاد بعضهم: (والسياسية).
وأزعم أن هذا ليس اقتراحًا متكلفًا أملاه مجردُ الرغبة في مسايرة الواقع المعاصر المتطوّر! الذي غلبت عليه التقنية في جل مجالات الحياة.
فما هو المجمع الفقهي الإلكتروني ؟ وكيف يمكن تطبيقه في الواقع؟ وكيف يتكوّن أعضاؤه؟ ومن الذي يرشحهم؟ أترككم لتجدوا وقتًا للتأمل والتفكير منتظرًا اقتراحاتكم وآراءكم حوله.

كتبه/ عامر بن محمد بهجت
محاضر الفقه وعلومه بجامعة طيبة والجامعة الإسلامية - بالمدينة النبوية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق